|
الشاعر الراحل محجوب العياري بريشة الزميل إحسان حلمي - (الغد) |
عام على رحيله ..
فوزي باكير
"... سأنسى أكاذيب نخلتنا آخر اللّيل.
- هل يكذب النخل ؟
* طبعا، كما تكذب الدّالية
- وهل يكذبُ البحر؟
* سلْ عنه أفراسه واليتامى.
- وهل يكذبُ البرق والرّعدُ؟
هل تكذب الرّيحُ ؟
* كذّابةٌ كلُّها والغمامُ.
- والفراشاتُ مغسولةً بالنّدى… والقَطا؟
* كذاك الحَمامُ.
- وأمّي؟ وجارتُنا؟ والنّدامى؟
* جميعا، ولو صدقُـوا!
- على من سأتلو أناشيد حبّي إذنْ،
وبي منه ما لو تلوتُ على جبلٍ...؟ * على لا أحدْ.
- والمحبّون ؟
أليس المحبّونَ مثلي شَفيفينَ حدّ البكاء؟!
* كذلك كانوا.
- ألم يبقَ منهم صَدٍ واحدٌ يحتفي بانكساري ؟
* لقد لـمْلمُوا في الأماسي مزاميرهم،
ثمّ راحوا
- بعيدا ؟
* إلى اللاّمكان.
- سألحقُهم.
* عرفتَ الطّريق؟
- أجلْ أشهدُ الآن أنّي عرفتُ الطّريق!"
... ولعلّه صدق نفسه ولحق بهم، لحق بمن يحبّ، قلبُه الذي اختطفه صغيرًا كان دليله ليمضي في تلك الطريق، بمنجزٍ شعريٍّ لم يتح العمر له أن يستمرّ أكثر، لكن كان فيه متّسعٌ ليقدّم في تسعةٍ وأربعين عاما بصمتَه الشعريّة.