الثلاثاء، 25 يناير 2011

الشباب: اتهامات مجتمعية بالاستهتار.. وأنشطة عامة تبرهن العكس





فوزي باكير


يُرمى الشباب أحيانا بأنهم عازفون عن متابعة الفعاليات الثقافية أو العلميّة أو الاجتماعية، ومُتجهون نحو أمورٍ تُعتبر سطحية أو غير مفيدة لهم، كالسهر في المقاهي والميول لاستماع الأغاني "الهابطة" والتجوّل في سيّاراتهم بشكل عشوائي دونما هدف. بينما من المُلاحظ أيضا، أن الكثير من الفعاليات الثقافية عليها إقبال كبير من الشباب، بغضّ النظر عن نوع الفعالية ومحتواها، من مسرح أو سينما أو موسيقى أو أمسيات أدبية، فنسبة الشباب بين الحاضرين هي الأعلى، لكن نظرة المجتمع لا تكون إلا لتلك الفئة، التي تُسمّى بغير المسؤولة والمستهترة.


"محمد المعايطة"، شاعرٌ شاب، يبلغ من العمر 25 عاما، يرى أنه لا يمكن إطلاق حكم يُلغي وجود شباب مهتمين ومتابعين للمشهد الثقافي العام، فمن خلال بعض الأمسيات التي أقامها، لاحظَ أن الشباب بمختلف فئاتهم العمرية يحضرون بشكل مُلفت.

"كنتُ قد وقّعت ديواني في منطقة الغور، والتي تُعد أحيانا من المناطق البعيدة عن هذا المشهد، لكني تفاجأت بحضور غير المتوقّع، وأغلبه كان من الشباب، وهناك وعي اتجاه النص، لمست ذلك من الخلال الأسئلة التي طُرحت عليّ بعد الأمسية"
ويحيل المعايطة هذا الاهتمام للحالة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية العامة، والتي توجه الشباب لحضور مثل هذه الفعاليات، "حيث أدت إلى ظهور وعي عندهم، فيبحثون عن بديل فكريّ يُشكّل لديهم ثقافة تؤهلهم للتعامل والتفكير مع هذا الوضع."

بينما ترى "ربى بريم" وهي موظفة قطاع خاص، ومُقبلة على متابعة هذه الفعاليات، أن هناك فئات تعمل بشكل مكثف، فقبل الـ 1997 مثلا لم يكن هناك مسرح شبابي،
"فالشباب هم من يلعبون دورا في تشكيل صورة الزخم الثقافي الحالي، فالمسرح حاليا مليء بالأسماء الشابة التي التشارك فيه والتي تحضره كذلك، لكن في المقابل، الشباب بحاجة لدعم من الجهات المعنية التي تساهم في توجيههم للمزيد من العمل والاطلاع، فلها دورٌ مهم للغاية، وإن قامت به كما يجب، سيكون هناك عطاء متضاعف من قبَل الشباب اتجاه ثقافة بلدهم."

واتفق مُنظم الملتقى الأدبي للشباب "صالح دراس"، مع ربى بما يخص قضية الدعم.
"نسبة الوعي الثقافي بحاجة لتوعية أكثر، من خلال تخصيص برامج مختصة بالتوعية الثقافية الحقيقية، وتوضيح مفهوم الثقافة للشباب، فتم إطلاق حملة "سمعنا صوتك" في الانتخابات، فلا يضير لو أُطلقت حملة مثلا باسم (ثقف نفسك)، وهذا سيؤدي إلى لفت انتباه شباب مجتمعنا باتجاه ما سيفيدهم ويغنيهم معرفيّا"

مشيرا إلى أن الفعاليات التي تقام تكون  نسبة الحضور الشاب فيها 80%، فاستحوذ حضورهم على حضور الكبار، ويرى أن  السنتين الأخيرتين، كان حضور أغلب النشاطات التي يتابعها من الشباب، منوّها إلى الملتقى الأدبي، الذي يبلغ عدد مشاركيه الآن 70 مشاركا من موهبين بالكتابة الإبداعية بين شبابٍ وصبايا، وفي الأمسيات التي تُقام يكون الجمهور من الشباب أيضا، والإقبال متزايد باستمرار.

الممثل التلفزيوني والمسرحي "أحمد سرور"، والذي لا يتجاوز عمره 23 عاما يرى أن الناس اعتادوا  على الشيء السريع، "فالأغنية القصيرة" التي لا تزيد مدتها عن 5 دقائق التي تتميز بإيقاع صاخب مُتكرّر باستمرار هي المهيمنة، والدفق الفكري السطحي بات مسيطرا، "وهناك فئة شبابية تسعى للتخلص من هذا النوع من التلقّي لهذا (الفن)، لكن الحالة الثقافية بطيئة التطور، لا تتحرك بخطى واضحة، وذلك يعود لفقدان المجتمع للذائقة السليمة."

ويلاحظ أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي أن هناك إقبال من الشباب على هذا النوع من النشاطات، حيث يراهم متابعون ومهتمون في مختلف الأماكن والمراكز الثقافية، مُعقّبا أن اهتمامات الشباب بدأت تتغيّر لجوانب معلوماتية تكنولوجية، "وهذه أيضا ثقافة، فالأردن يُصنّف كثاني دولة عربية من حيث القراءة عبر الإنترنت، والشباب هم الأكثر استخداما للإنترنت، ومن خلاله يطلعون على الأخبار ويذهبون لتلبية الدعوات التي تصلهم، وأنا ألاحظ أن هناك رصد فعلي، وهم يفضلون الاستماع إلى المعلومات من المُلقي مباشرةً، بدلا من تلقّيها إلكترونيّا."

مؤسّس مركز الثقافة والفنون "محترف رمال"، عبد العزيز أبو غزالة، بيّن من خلال متابعته للمشهد الثّقافي أنه لا يمكن حصر أية قضية من خلال وجهة نظر واحدة، لأن أحادية النظر بالضرورة لا ترى سوى جانب واحد لا أكثر، والحقيقة بأن حكم المجتمع على الشباب بهذه الطريقة هو غير دقيق، على حدّ قوله.

"من وجهة نظري، وحسب مشاهدتي على مرّ تجربتي الخاصة كفنّان محترف منذ 22 عاما ومن خلال إطلالتي العامة كمؤسس لـ"محترف رمال"، أرى بأن هناك شريحة كبيرة من الشباب الذين يبحثون بشكل دائم عن أماكن ثقافيّة وفنية وعن نشاطات مختلفة تضيف لهم تجربةً جديدة سواءً كانوا منتجين للفعل الثقافي أو متلقّين باحثين عن الجمال، ولدي الكثير من الأمثلة على ذلك من خلال النشاطات الثقافية المختلفة التي تقام في الأماكن المتخصصة، وألاحظ أن النسبة الكبرى من مرتادي هذه النشاطات هي من الشباب."



نُشر بصحيفة الغد
بتاريخ 15-01-2011

هناك تعليق واحد:

  1. انا لا انكر وجود مثقفين شباب في هذا الوقت, لكن اعدادهم لا تقارن بأعداد "العريطين" كما بينت في مقالك السابق. أتمنى أن تختفي هذه الظاهرة, لأنني بصراحة مللت منها!, و عندما تختفي,سنكون و قتها الأمة التي قرأنا عنها في الكتب القديمة و قصص الاطفال! .

    ردحذف