الاثنين، 2 مايو 2011

"وادي الذئاب": بعد ستين عاما من الصمود.. بطل وهميّ يعلّم الفلسطينيين القتال!

مراد علمدار، وسط الصورة، ورفاقه يمشون في شوارع القدس بنظراتهم الحادة وخطواتهم الثابتة



فوزي باكير                                                                                                              


لعلّها كانت مبادرةً إنسانية مهمّة أن تركيّا أرسلت سفينة مساعدات لفلسطينيي غزّة الذين أنهكهم الحصار في العام الماضي، والتي تعرّضت لهجوم صهيوني غاشم أسقط تسعة شهداء جاؤوا من هناك لإيمانهم بقضيّة هذا الشعب الـمُحاصر الذي يتعرّض لمختلف أنواع الظلم، مادّيا واقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا.


وبسبب هذا العدوان قرّر مقاتل الكوماندوز التركي "مراد علمدار"، في فيلم تركيّ اسمه "وادي الذئاب فلسطين"، من إنتاج شركة "بانا فيلم"، وأخرجه "زبير شاشماز"، يعرض منذ فترة وجيزة في الأردن، قرر الانتقام من خلال عمليّة هدفها الأساسي هو اغتيال الضابط الإسرائيلي "موشيه بن أليعازر" الذي أصدر أمر الهجوم على السفينة، فأدّى دور هذا المقاتل الممثل التركي "نجاتي شاشماز"، الذي كان يصول ويجول برفقة مُقاتلَيْن آخرَيْن في القدس الشرقية، بخطوات ثابتة وواثقة، يرتدي كل منهم بدلةً أنيقة، ومن الغريب، أن الجيش الإسرائيلي الذي يمسك بقبضة من حديد على القدس الشرقية من خلال حراسته وانتباهه، لم يلتفت لهذه الخطوات والملامح التي تبدو عليها الصّرامة الشديدة والمثيرة للشبهات. حتّى وصل علمدار لحاجز مشاة في قلب المدينة عليه أكثر من ثلاثة جنود مُسلّحين بكامل تجهيزاتهم العسكرية، ومنعه واحد منهم من الدخول، طالبا منه تغيير مساره، فدخلا في نقاش أدّى إلى عراك بالأيدي بينهما، وإذ بعلمدار يضرب الجندي ويستولي على سلاحه ويطلق النار على من معه ويرديهم قتلى ويركض في المدينة مع رفاقه! وأثناء الركض دارت معارك وتبادل للعيارات النارية بين المقاتلين وجنود الجيش الإسرائيلي الذين سقطوا قتلى كلّهم، ولم تتسخ بدلة أحد المقاتلين إطلاقا!

وبعد هذا القتال هربوا بسيّارة عاديّة، عارضها جنود آخرون، لكنهم لم يقدروا على مواجهتها، وقُتلوا! وفي مشهد آخر، جاءت دورية إسرائيلية، ويجب التنويه إلى أن الدوريات الإسرائيلية تتمتع بحصانة عالية، فهي عسكرية بامتياز، وزجاجها مضاد للرصاص، وإذ بعلمدار يقف في طريقها وحده، ويشهر مسدسه ويطلق عليها بعض الرصاصات لتقف الدورية، وينزل الجنود منها الذين لم يستطيعوا أن يطلقوا طلقة واحدة، لأن علمدار كان مجرّد أن نزلوا من الدورية قد أنهى حياتهم.

لعلّ هذه بعض المشاهد التي كانت ممتعة للغاية من ناحية طريقة تصويرها والاستعراضيات البطولية التي لم تحدث يوما ما، وليس فيها إسقاطا على أي واقع عاشه الفلسطينيون، لكنها من ناحية إخراجية وحماسية وتقنيات كانت جيدة وموفقة، وأسلوبها محبب كثيرا، خاصة لدى الشباب الذين تستهويهم أفلام "الآكشن" التي تُصدّرها هوليوود أو بوليوود على حدّ سواء.

كان هناك سعيٌ في الفيلم لإبراز واقع المعاناة الفلسطينية من خلال ما يتعرضون له من هدم لبيوتهم وتشريد لأطفالهم وقتل الكبار والصغار، بشتى أنواع السلاح، بما فيها القنابل الفسفورية التي أظهرها الفيلم وهي تُرمى على الشعب الأعزل، ولعلّ أكثر المشاهد صدقا وتأثيرا كان لسيدةٍ مُسنّة رمُيت بطلقةٍ في صدرها، فأخذت ترتجف وتشدّ قبضتها على التراب وتقول لابن ابنها الذي استشهد معها: لعلّك يا أحمد أيضا ستصير جزءًا من هذا التراب.

وبالمقابل، لم يكن هناك مبرّرٌ لكلّ مسألة المقاتلين الثلاثة الأتراك، الذين خاضوا هذه المعارك الوهمية وبسهولة شديدة، حتّى انتهى بهم الأمر أحياء بعد أن دمّروا جزءا من جدار الفصل العنصري باستيلائهم على دبابة إسرائيلية، ووصولهم لموشيه بن أليعازر وقتله في معركة ضارية في المدينة القدس، بدأت المعركة بين حوالي 300 فلسطيني من جهة، وجنود إسرائيلين من جهة أخرى، فجاء هؤلاء الثلاثة وخلّصوا الفلسطينيين من هذه المعركة التي سقط فيها العديد من الشهداء، كأن هذا الشعب الذي يصمد منذ أكثر من ستين عاما لا يجيد القتال والمواجهة، كأن سعد صايل وماجد أبو شرار وعبدالله صيام ووديع حداد وكمال ناصر وكمال عدوان وليلى خالد وأبو علي مصطفى ودلال المغربي وغيرهم الكثير ما هي إلا شخصيات وهمية أيضا، مثّلت أفلاما بطولية تتحدث عن عمليات خيالية عن خطف الطائرات وقيادة عمليات بحرية وغيرها..! فنرجو من تركيّا أن تساندنا وترسل لنا المزيد من مقاتليها ليعلّموا هذا الشعب فنون القتال وبعض الوهم، وتسجيل المزيد من المواقف!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق